لا يزال مصرا
على التضليل وعدم التعاون إلا بالخضوع لرأيه. فأجمعوا أمرهم على عزله، ولكن
بعد مناقشته أيضا، فذهبوا إليه في بيته - بعد استئذانه طبعا - وأنا معهم،
وصاحباي فطلبوا منه التنازل عن إصراره وأن يدع الرجل على رأيه، وأن يستمر
معهم في التعاون، فرفض ذلك، وبعد مناقشة شديدة بينه وبين مخالفه في الرأي
وغيره من إخوانه، خرج فيها الرجل عن طوره حتى قال لمخالفه لما ذكره بالله: أنا
لا أريد أن تذكرني أنت بالله! إلى غير ذلك من الأمور التي لا مجال لذكرها الآن
، وعلى ضوء ما سمعوا من إصراره، ورأوا من سوء تصرفه مع ضيوفه اتفقوا على
عزله، ونصبوا غيره رئيسا عليهم. ثم أخذت الأيام تمضي، والأخبار عنه تترى
بأنه ينال من خصمه ويصفه بما ليس فيه، فلما تيقنت إصراره على رأيه وتقوله
عليه، وهو يعرف نزاهته وإخلاصه قرابة ثلاثين سنة، أعلنت مقاطعته حتى يعود
إلى رشده، فكان كلما لقيني وهش إلي وبش أعرضت عنه. ويحكي للناس شاكيا
إعراضي عنه متجاهلا فعلته، وأكثر الناس لا يعلمون بها، في الوقت الذي يتظاهر
فيه بمدحي والثناء علي وأنه تلميذي! إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين
في عمان في دعوة غداء في منتصف جمادى الأولى لسنة (١٣٩٦) فسارع إلى استقبالي
كعادته، فأعرضت عنه كعادتي، وعلى المائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته
بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التي لقيتها في سفري إلى (المغرب) ،
وكنت حديث عهد بالرجوع منه، فقلت له: لا كلام بيني وبينك حتى تنهي مشكلتك!
قال: أي مشكلة؟ قلت: أنت أدرى بها، فلم يستطع أن يكمل طعامه. فقصصت على
الإخوان الحاضرين قصته، وتعصبه لرأيه، وظلمه لأخيه المخالف له، واقترحت
عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين. وكان ذلك بعد