أظنكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض! لا والله، إنها
لسائحة على وجه الأرض، إحدى حافتيها اللؤلؤ، والأخرى الياقوت، وطينها
المسك الأذفر. قال: قلت: ما الأذفر؟ قال: الذي لا خلط له. ورواه ابن
مردويه في " تفسيره " عن محمد بن أحمد: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى حدثنا مهدي
بن حكيم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا الجريري عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره هكذا مرفوعا ". قلت: وإسناد
ابن أبي الدنيا صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يعقوب ابن عبيد - وهو
النهرتيري - قال ابن أبي حاتم (٤ / ٢ / ٢١٠) : " سمعت منه مع أبي، وهو صدوق
". وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (١٤ / ٢٨٠) : وقد خالفه مهدي بن حكيم
فرواه عن يزيد بن هارون به مرفوعا عند ابن مردويه، ومهدي هذا لم أجد له ترجمة
، ولكن الموقوف صحيح كما رأيت، وهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل
الرأي، لاسيما وقد صح مرفوعا من الطريق الأولى. ونحوه ما روى سفيان الثوري
عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن مسروق في قوله تعالى: * (وماء مسكوب) * قال:
إنها تجري في غير أخدود. ذكره ابن القيم. وإسناده مقطوع صحيح. قلت: وفيما
تقدم دليل على بطلان ما أخرج ابن مردويه في " الدر المنثور " (٦ / ٤٠٢) عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: * (إنا أعطيناك الكوثر) * قال: " نهر في
الجنة عمقه [في الأرض] سبعون ألف فرسخ ". وعزاه المنذري (٤ / ٢٥٤ - ٢٥٥)
لابن أبي الدنيا وعنده الزيادة، وأشار إلى تضعيفه، بل هو عندي منكر
لمخالفته لحديث أنس هذا. والله أعلم.