وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه، عند الطيالسي
وأحمد في " مسنديهما "، وفي إسناده كلام ذكرته في " التعليق الرغيب ".
والحديث رواه أبو داود في " مراسيله " (٨٤ / ٢٥) والدارمي (١ / ١١٨) عن
الأوزاعي، والبيهقي في " سننه " (٣ / ٥٦) عن سفيان، كلاهما عن عبد الرحمن
بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب مرسلا. وإسناده صحيح، ولا ينافي
الموصول، لأن الذين وصلوه ثقات، إلا أن يكون الوهم من الرازى. وعلى كل حال
فالحديث صحيح بالطريق الأخرى. واعلم أن الحديث ظاهر لفظه اختصاص الحكم
المذكور فيه بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه من حيث المعنى عام لكل
المساجد، للأحاديث الكثيرة الدالة على وجوب صلاة الجماعة. والخروج من المسجد
يفوت عليه الواجب. فتنبه. ويؤيد ذلك ما روى أبو الشعثاء قال: كنا مع أبي
هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر، فقال أبو هريرة: " أما هذا
فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ". أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "
الإرواء " (١ / ٢٦٣ / ٢٤٥) و " صحيح أبي داود " (٥٤٧) . تنبيهان: الأول:
لقد فات المعلق على " مراسيل أبي داود " تقوية مرسله بحديث الترجمة المتصل عن
سعيد عن أبي هريرة. والآخر: أنه أعل المرسل بتدليس الوليد - وهو ابن مسلم -
، وفاته أنه قد