ذكر معه، فمن ذلك عدم مقارنته
بالتأمين. وإخراج التأمين من هذا النظام يحتاج إلى دليل صريح، وهو مفقود،
إذ غاية ما عند المخالفين إنما هو حديث أبي صالح المتقدم، وليس صريحا في ذلك
، بل الصحيح أنه محمول على رواية سعيد هذه لاسيما على لفظ أبي يعلى المذكور
أعلاه. السادس: أن مقارنة الإمام بالتأمين تحتاج إلى دقة وعناية خاصة من
المؤتمين، وإلا وقعوا في مخالفة صريحة وهي مسابقته بالتأمين، وهذا مما
ابتلي به جماهير المصلين، فقد راقبتهم في جميع البلاد التي طفتها، فوجدتهم
يبادرون إلى التأمين، ولما ينته الإمام من قوله: * (ولا الضالين) *،
لاسيما إذا كان يمدها ست حركات، ويسكت بقدر ما يتراد إليه نفسه، ثم يقول:
آمين فيقع تأمينه بعد تأمينهم! ولا يخفى أن باب سد الذريعة يقتضي ترجيح عدم
مشروعية المقارنة خشية المسابقة، وهذا ما دلت عليه الوجوه المتقدمة. وهو
الصواب إن شاء الله تعالى، وإن كان القائلون به قلة، فلا يضرنا ذلك، فإن
الحق لا يعرف بالرجال، فاعرف الحق تعرف الرجال. ذلك ما اقتضاه التمسك بالأصل
بعد النظر والاعتبار، وهو ما كنت أعمل به وأذكر به مدة من الزمن. ثم رأيت
ما أخرجه البيهقي (٢ / ٥٩) عن أبي رافع أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن
الحكم، فاشترط أن لا يسبقه بـ * (الضالين) * حتى يعلم أنه دخل الصف، وكان
إذا قال مروان: * (ولا الضالين) * قال أبو هريرة: " آمين "، يمد بها صوته،
وقال: إذا وافق تأمين أهل الأرض أهل السماء غفر لهم. وسنده صحيح. قلت:
فهذا صريح في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يؤمن بعد قول الإمام: * (ولا
الضالين) *. ولما كان من المقرر أن راوي الحديث أعلم بمرويه من غيره، فقد
اعتبرت عمل أبي هريرة هذا تفسيرا لحديث الترجمة، ومبينا أن معنى " إذا أمن
الإمام