وفي لفظ له:
" لا يقبل الله عز وجل من أحد توبة أشرك بعد إسلامه ". وتابعه عليه بهز بن
حكيم عن أبيه به، إلا أنه قال: " عملا " مكان: " توبة ". أخرجه أحمد (٥ /
٥) . قلت: وبهز ثقة حجة، لاسيما في روايته عن أبيه، وفيها ما يفسر رواية
أبي قزعة، ويزيل الإشكال الوارد على ظاهرها، فهي في ذلك كقوله تعالى: * (إن
الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم) * (آل عمران: ٩٠)
ولذلك أشكلت على كثير من المفسرين، لأنها بظاهرها مخالفة لما هو معلوم من
الدين بالضرورة من قبول توبة الكافر، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى قبل
الآية المذكورة: * (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم) * إلى قوله: * (
أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. خالدين فيها ...
) * إلى قوله: * (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) * (
آل عمران: ٨٦ - ٨٩) فاضطربت أقوال المفسرين في التوفيق بين الآيتين، وإزالة
الإشكال على أقوال كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وإنما أذكر منها ما تأيد
برواية بهز هذه، فإنها كما فسرت رواية أبي قزعة فهي أيضا تفسر الآية وتزيل
الإشكال عنها. فكما أن معنى قوله في الحديث: " لا يقبل توبة عبد كفر بعد
إسلامه "، أي توبته من ذنب في أثناء كفره، لأن التوبة من الذنب عمل، والشرك
يحبطه كما قال تعالى: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * (الزمر: ٦٥) فكذلك قوله
تعالى في الآية: * (لن تقبل توبتهم) *، أي من ذنوبهم، وليس من كفرهم.
وبهذا فسرها بعض السلف، فجاء في " تفسير روح المعاني " للعلامة الآلوسي (١ /
٦٢٤) ما نصه بعد أن ذكر بعض الأقوال المشار إليها: