إلى
غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها. فمن قام من
المسلمين بشيء من هذه المعاصي، فكفره كفر عملي، أي إنه يعمل عمل الكفار، إلا
أن يستحلها، ولا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم، لأنه شارك
الكفار في عقيدتهم أيضا، والحكم بغير ما أنزل الله، لا يخرج عن هذه القاعدة
أبدا، وقد جاء عن السلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: " كفر دون
كفر "، صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ثم تلقاه عنه
بعض التابعين وغيرهم، ولابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل
أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة، ونحا نحو الخوارج الذين يكفرون
المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يصلون ويصومون! ١ - روى ابن جرير
الطبري (١٠ / ٣٥٥ / ١٢٠٥٣) بإسناد صحيح عن ابن عباس: * (ومن لم يحكم بما
أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * قال: هي به كفر، وليس كفرا بالله وملائكته
وكتبه ورسله. ٢ - وفي رواية عنه في هذه الآية: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون
إليه (١) ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة، كفر دون كفر. أخرجه الحاكم (٢ / ٣١٣
) وقال: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وحقهما أن يقولا: على شرط
الشيخين. فإن إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في " تفسيره " (٦ /
١٦٣) عن الحاكم أنه قال: " صحيح على شرط الشيخين "، فالظاهر أن في نسخة "
المستدرك " المطبوعة سقطا، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار.
٣ - وفي أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: من
(١) كأنه يشير إلى الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه.