واعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس
اليوم وقبل اليوم لا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة، وتبني ما
فيها من الحكم بالكفر على والدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن فيهم من يظن
أنه من الدعاة إلى الإسلام ليستنكر أشد الاستنكار التعرض لذكر هذه الأحاديث
ودلالتها الصريحة! وفي اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما ينصب منهم على النبي صلى
الله عليه وسلم الذي قالها إن صدقوا بها. وهذا - كما هو ظاهر - كفر بواح، أو
على الأقل: على الأئمة الذين رووها وصححوها، وهذا فسق أو كفر صراح، لأنه
يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم، لأنه لا طريق لهم إلى معرفته والإيمان به،
إلا من طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه،
فإذا لم يصدقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم وأذواقهم وأهوائهم - والناس في
ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتح باب عظيم جدا لرد الأحاديث الصحيحة
، وهذا أمر مشاهد اليوم من كثير من الكتاب الذين ابتلي المسلمون بكتاباتهم
كالغزالي والهويدي وبليق وابن عبد المنان وأمثالهم ممن لا ميزان عندهم
لتصحيح الأحاديث وتضعيفها إلا أهواؤهم! واعلم أيها المسلم - المشفق على دينه
أن يهدم بأقلام بعض المنتسبين إليه - أن هذه الأحاديث ونحوها مما فيه الإخبار
بكفر أشخاص أو إيمانهم، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها
وتلقيها بالقبول، لقوله تعالى: * (ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين.
الذين يؤمنون بالغيب) * (البقرة: ١ - ٣) وقوله: * (وما كان لمؤمن ولا
مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم..) * (الأحزاب
: ٣٦) ، فالإعراض عنها وعدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لا ثالث لهما -
وأحلاهما مر -: إما تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، وإما تكذيب رواتها
الثقات كما تقدم.