وبهذا يتجلى لك الصواب بإذن الله تعالى، فلا جرم أن صحح
الحديث من سبق ذكرهم، وتبعهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال في " مجموع
الفتاوى " (٢١ / ١٧٨) : " وهو حديث صحيح ". ويمكن أن يلحق بهم البيهقي
والنووي وغيرهما ممن أورده ولم يضعفه، بل ساقه معارضا به أحاديث التوقيت التي
استدل بها الجمهور، فأجاب عنه البيهقي عقبه بقوله: " وقد روينا عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه التوقيت، فإما أن يكون رجع إليه حين جاءه الثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم في التوقيت، وإما أن يكون قوله الذي يوافق السنة المشهورة
أولى ". ونقله النووي في " المجموع " (١ / ٤٨٥) وارتضاه. فلو أنهما وجدا
مجالا لتضعيفه لاستغنيا بذلك عن التوفيق بينه وبين أحاديث التوقيت بما ذكراه.
على أنه يمكن التوفيق بوجه آخر، وهو أن يحمل حديث عمر على الضرورة وتعذر
خلعه بسبب الرفقة أو غيره، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
في بحث طويل له في المسح على الخفين. وهل يشترط أن يكونا غير مخرقين؟ فقال (
٢١ / ١٧٧) : " فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوما وليلة، وثلاثة
ولياليهن، وليس فيها النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم، والمفهوم لا عموم
له، فإذا كان يخلع بعد الوقت عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث، وعلى هذا
يحمل حديث عقبة بن عامر لما خرج من دمشق إلى المدينة يبشر الناس بفتح دمشق،
ومسح أسبوعا بلا خلع، فقال له عمر: أصبت السنة. وهو حديث صحيح ".