وقال ابن أبي حاتم عن أبيه:
" لا أعلم روى هذا الحديث أحد غير هاشم بن البريد ".
قلت: وهو ثقة، ولا يضره أنه رمي بالتشيع، ولهذا قال البوصيري في
" الزوائد " (ق ٢٧ / ٢) :
" هذا إسناد حسن ".
قلت: وظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو يبول، ففيه دليل على
جواز الكلام على الخلاء، والحديث الوارد في أن الله يمقت على ذلك مع أنه لا
يصح من قبل إسناده، فهو غير صريح فيه فإنه بلفظ:
" لا يتناجى اثنان على غائطهما، ينظر كل منهما إلى عورة صاحبه، فإن الله يمقت
على ذلك ".
فهذا النص إنما يدل على تحريم هذه الحالة وهي التحدث مع النظر إلى العورة،
وليس فيه أن التحدث وحده - وإن كان في نفسه مستهجنا - مما يمقته الله تبارك
وتعالى، بل هذا لابد له من دليل يقتضي تحريمه وهو شيء لم نجده، بخلاف
تحريم النظر إلى العورة، فإن تحريمه ثابت في غير ما حديث.
ثم رأيت للحديث شاهدا من حديث ابن عمر بهذا اللفظ نحوه.
أخرجه ابن الجارود في " المنتقى " (٢٧ - ٢٨) وسنده حسن أيضا.
ثم رأيته في " فوائد عبد الباقي بن قانع " (١٦٠ / ١ - ٢) أخرجه من طريقين
عن نافع عن ابن عمر، ورجالهما ثقات معروفون إلا أن شيخه في الأول منهما محمد
بن عثمان بن أبي شيبة، وفيه كلام، وشيخه في الطريق الأخرى محمد بن عنبسة
بن لقيط الضبي، أورده الخطيب (٣ / ١٣٩) وساق له هذا الحديث من طريق ابن
قانع عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكنه متابع عند ابن الجارود،
فالحديث صحيح.