وقد استظهر محقق " التاريخ "
أن الحامل للحافظ وغيره على صرف قول البخاري هذا إلى ترجمة الأصغر أن ابن
المديني وعمرو بن علي قد ليناه، ووثقا هذا الأنصاري. ثم أجاب عن تكذيب
سليمان له بما خلاصته أنه جرح مبهم غير مفسر لأنه قائم على قصة لا تستلزم
التكذيب المذكورة بصورة لا تحتمل التأويل، فراجع كلامه فإنه مفيد. وخلاصة
القول: إن حرب بن ميمون الأكبر صاحب هذا الحديث، ثقة حجة، وثقه ابن المديني
شيخ البخاري والفلاس والساجي، وكذا مسلم بإخراجه له في " الصحيح "، وابن
حبان بذكره إياه في " الثقات "، والخطيب بقوله فيه: " كان ثقة "، ولم
يضعفه أحد سوى ما تقدم من قول سليمان بن حرب فيه، وقد عرفت الجواب عنه،
وأنه غير حرب بن ميمون الأصغر كما سبق عن جماعة من الأئمة. وبهذه المناسبة
لابد من التنبيه على وهم أيضا وقع في ترجمة (الأصغر) هذا من " تهذيب التهذيب
" لابن حجر، فقد قال (٢ / ٢٢٧) : " قال المزي: وقد جمع بينهما غير واحد،
وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ". والذي رأيته في " تهذيب الكمال " للحافظ
المزي خلافه، فإنه بعد أن ترجم للأكبر أتبعه بترجمة الأصغر، وقال في آخرها:
" ذكرناه للتمييز بينهما، وقد جمعهما غير واحد، وفرق بينهما غير واحد،
وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ". فالظاهر أنه سقط من الناسخ أو الطابع لـ "
تهذيب التهذيب " جملة " وفرق بينهما غير واحد "، فاختل المعنى. والله أعلم
.