وإنما
هو مشاع بينهم، فلذا فهم يبحثون عنه، فمع من كان اتبعوه، وهذا ما صنعوه هنا
، فأعرضوا على تضعيف البخاري، واعتمدوا قول الذين وثقوه كما سبق. وأزيد هنا
فأقول: قال الذهبي في " ديوان الضعفاء " (مخطوط) : " حرب بن ميمون أبو
الخطاب، ثقة، رماه بالكذب سليمان بن حرب ". وقال في " المغني " (١ / ١٥٣ -
طبع حلب) : " ثقة، غلط من تكلم فيه، وهو صدوق ". فأنت تراه لم يعتد بمن
رماه بالكذب فضلا عمن تكلم فيه. ولهذا الرجل قصة طويلة فيها عبرة لمن يعتبر،
لا مجال للتحدث عنها بهذا المكان، وإنما لابد من الإشارة إليها بأوجز ما يمكن
من الكلام. فهو رجل عاش نحو ربع قرن من الزمان رئيسا على إخواننا السلفيين في
حلب، ومنذ بضع سنين بدأ يظهر شيئا من الشدة عليهم، وفرض الرأي، فمن استسلم
له قربه إليه، ومن خالفه في رأيه أبعده عنه، وامتنع من التعاون معه، ولو
كان صاحبه القديم منذ بدء الدعوة هناك، يفعل هذا، وهو ممن لا علم عنده يذكر
ولا تحقيق إلا ما كان استفاده من غيره، إلى أن خرج عليهم برأي لا عهد لهم به
، وهو أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم معصومات من الزنا، وإن كان الجميع
متفقين معه على أنهن متن وهن عفيفات شريفات، فكان لا يقنع إلا بأن يقولوا معه
إنهن معصومات العصمة الشرعية، فلما طالبوه بالحجة، وناقشه فيها أبرز من فيهم
فقها وفهما، كان جزاؤه منه أن قاطعه وهجره، وبالنار إن استمر على مخالفته
أوعده، وحاول أن يبعده عن الجماعة، بعد أن أعلن عدم استعداده أن يتعاون معه
، فجلب بذلك ضررا على نفسه ودعوته، حيث تبين للجماعة هناك بأن عمله ليس على
المنهج، وعلى الرغم من نصحي إياه، فلم يستجب، فكانت عاقبته أن أزالوه من