فهذا مطلق، يقيده حديث علي رضي الله عنه، وإلى هذا أشار ابن حزم رحمه الله
بقوله المتقدم:
" وهذه زيادة عدل لا يجوز تركها ".
ثم قال البيهقي:
" وقد روي عن علي رضي الله عنه ما يخالف هذا. وروي ما يوافقه ".
ثم ساق هو والضياء في " المختارة " (١ / ١٨٥) من طريق سفيان قال: أخبرني
أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين في دبر كل صلاة مكتوبة،
إلا الفجر والعصر ".
قلت: وهذا لا يخالف الحديث الأول إطلاقا، لأنه إنما ينفي أن يكون النبي
صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد صلاة العصر، والحديث الأول لا يثبت ذلك
حتى يعارض بهذا، وغاية ما فيه أنه يدل على جواز الصلاة بعد العصر إلى ما قبل
اصفرار الشمس، وليس يلزم أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أثبت جوازه
بالدليل الشرعي كما هو ظاهر.
نعم قد ثبت عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى
ركعتين سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر، وقالت عائشة: إنه صلى الله عليه
وسلم داوم عليها بعد ذلك، فهذا يعارض حديث علي الثاني، والجمع بينهما سهل،
فكل حدث بما علم، ومن علم حجة على من لم يعلم، ويظهر أن عليا رضي الله عنه
علم فيما بعد من بعض الصحابة ما نفاه في هذا الحديث، فقد ثبت عنه صلاته صلى
الله عليه وسلم بعد العصر وذلك قول البيهقي:
" وأما الذي يوافقه ففيما أخبرنا ... " ثم ساق من طريق شعبة عن أبي إسحاق
عن عاصم بن ضمرة قال:
" كنا مع علي رضي الله عنه في سفر فصلى بنا العصر ركعتين ثم دخل