وقد سبقه إلى ذلك مجاهد،
التابعي الجليل (ت ١٠٤) وشيخ المفسرين ابن جرير (ت ٣١٠) والبغوي (ت ٥١٦
) والقرطبي (ت ٦٧١) والزمخشري (ت ٥٣٨) ، وغيرهم ممن أشرت إليهم آنفا.
٢ - كيف يقول (ص ٤٣١) : " إن ابن تيمية لم يذكر التفريق المشار إليه في كتابه
(النبوات) "! وليس من اللازم أن يذكر المؤلف كل ما يعلمه في الموضوع في
كتاب واحد، فقد ذكر ذلك ابن تيمية في غير ما موضع من فتاواه، فلو أنه راجع "
مجموع الفتاوى " له لوجد ذلك في (١٠ / ٢٩٠ و ١٨ / ٧) . ومن ذلك تعلم بطلان
قوله عقب ذلك: " فهذه الغلطة في التفريق بين الرسول والنبي يظهر أنها إنما
دخلت على الناس من طريق حديث موضوع رواه ابن مردويه عن أبي ذر، وهو حديث طويل
جدا لا يحتمل أبو ذر حفظه مع طوله.. "! أقول: ليس العمدة في التفريق المذكور
على هذا الحديث الطويل الذي زعم أن أبا ذر لا يتحمل حفظه كما شرحت ذلك في هذا
التخريج الفريد في بابه فيما أظن، وتالله إن هذا الزعم لبدعة في علم الجرح
والتعديل ما سبق - والحمد لله - من أحد إلى مثلها! وإلا لزمه رد أحاديث كثيرة
طويلة صحيحة ثابتة في الصحيحين وغيرهما، كحديث صلح الحديبية، وحديث الدجال
والجساسة، وحديث عائشة: " كنت لك كأبي زرع لأم زرع "، وغيرها. ولعله لا
يلتزم ذلك إن شاء الله تعالى وتقليده لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع
مردود، لأن التقليد ليس بعلم، كما لا يخفى على مثله، ثم لماذا آثر تقليده
على تقليد الذين ردوا عليه حكمه عليه بالوضع؟ كالحافظ العسقلاني والمحقق
الآلوسي وغيرهما ممن