فلم يصحح
الحديث، وليس ذلك غريبا، ولكن الغريب أن يخفى ذلك على غير واحد من الحفاظ
المتأخرين، أمثال العراقي والسيوطي وغيرهما، فأعلا الحديث بشريك، وردا
على الحاكم تصحيحه إياه متوهمين أنه عنده من طريقه، وليس كذلك كما عرفت،
وكنت اغتررت بكلامهم هذا لما وضعت التعليق على " مشكاة المصابيح "، وكان
تعليقا سريعا اقتضته ظروف خاصة، لم تساعدنا على استقصاء طرق الحديث كما هي
عادتنا، فقلت في التعليق على هذا الحديث من " المشكاة " (٣٦٥) .
" وإسناده ضعيف فيه شريك، وهو ابن عبد الله القاضي وهو سيء الحفظ ".
والآن أجزم بصحة الحديث للمتابعة المذكورة. ونسأل الله تعالى أن لا يؤاخذنا
بتقصيرنا.
قلت آنفا: اغتررنا بكلام العراقي والسيوطي، وذلك أن الأخير قال في " حاشيته
على النسائي " (١ / ١٢) .
" قال الشيخ ولي الدين (هو العراقي) : هذا الحديث فيه لين، لأن فيه شريكا
القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ، وما قال الترمذي: إنه أصح شيء في هذا
الباب لا يدل على صحته، ولذلك قال ابن القطان: إنه لا يقال فيه: صحيح،
وتساهل الحاكم في التصحيح معروف، وكيف يكون على شرط الشيخين مع أن البخاري
لم يخرج لشريك بالكلية، ومسلم خرج له استشهادا، لا احتجاجا ".
نقله السيوطي وأقره! ثم تتابع العلماء على تقليدهما كالسندي في حاشيته على
النسائي، ثم الشيخ عبد الله الرحماني المباركفوري في " مرقاة المفاتيح شرح
مشكاة المصابيح " (١ / ٢٥٣) ، وغيرهم، ولم أجد حتى الآن من نبه على أوهام
هؤلاء العلماء، ولا على هذه المتابعة، إلا أن الحافظ رحمه الله كأنه أشار
إليها في " الفتح " (١ / ٣٨٢) حين ذكر الحديث: