ولهذه شاهد آخر من حديث أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه
خزنة الجنة، كل خزنة باب: أي فل! هلم ". أخرجه البخاري وغيره، وله عنده
ألفاظ، وهو في كتابي " مختصر البخاري " (كتاب الصوم / ٤ - باب) . وأخرج
البزار (١٧٠٩ - كشف) الفقرة الرابعة نحوها من حديث أنس بن مالك. (فائدة) :
قال الحافظ (٦ / ٣٦) : " وقوله: (زوجين) أي شيئين من أي نوع كان ينفق ".
قلت: ويؤيده زيادة للبخاري بلفظ: " من شيء من الأشياء "، ثم قال: "
والزوج يطلق على الواحد وعلى الاثنين، وهو هنا على الواحد جزما. وقوله: (
كل خزنة باب) كأنه من المقلوب، لأن المراد: خزنة كل باب. قال المهلب: في
هذا الحديث أن الجهاد أفضل الأعمال، لأن المجاهد يعطى أجر المصلي والصائم
والمتصدق، وإن لم يفعل ذلك، لأن باب الريان للصائمين، وقد ذكر في هذا
الحديث أن المجاهد يدعى من تلك الأبواب كلها بإنفاق قليل من المال في سبيل الله
. انتهى. وما جرى فيه على ظاهر الحديث يرده ما قدمته في " الصيام " من زيادة
في الحديث لأحمد حيث قال فيه: " لكل أهل عمل باب يدعون بذلك العمل "، وهذا
يدل على أن المراد بـ (سبيل الله) ما هو أعم من الجهاد وغيره من الأعمال
الصالحة ".