أنه في الصلاح
والفساد المعنويين. فلم يجب عن ذلك بشيء سوى أنه قال: لو أراد ذلك لقال: "
ألا وإن في الإنسان.. " مكان " الجسد "! قلت: هذا غير لازم، فإنهما بمعنى
واحد، وبذلك فسره العلماء، فيجب الرجوع إليهم، وليس إلى الأطباء! ولم
أكن مطلعا يومئذ على هذا اللفظ الذي أنكره، فبادرت إلى تخريجه بعيد وقوفي عليه
، لعل في ذلك ما يساعده وأمثاله على الرجوع إلى الصواب. والله الهادي. وقد
جرنا الحديث إلى التحدث عن القلب وأنه مقر العقل والفهم، فأنكر ذلك، وادعى
أن العقل في الدماغ، وأن القلب ليس له عمل سوى دفع الدم إلى أطراف البدن.
قلت: كيف تقول هذا وقد قال الله تعالى في الكفار: * (لهم قلوب لا يفقهون بها
) *، وقال: * (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان
يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) *؟!
فحاول تأويل ذلك على طريقة بعض الفرق الضالة في تعطيل دلالات النصوص، وقلت له
: هذه يا دكتور قرمطة لا تجوز، ربنا يقول: * (القلوب التي في الصدور) * لا في
الرؤوس! وأقول الآن: من فوائد الحديث قول الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "
(١ / ١٢٨ - ١٢٩) : " وفيه تنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على صلاحه،
والإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا فيه، والمراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه
الله فيه. ويستدل به على أن العقل في القلب. ومنه قوله تعالى: * (فتكون
لهم قلوب يعقلون بها) *، وقوله تعالى: * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) *
. قال المفسرون: أي عقل، وعبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره ". ثم إن تلك
الزيادة التي أنكرها الطبيب المشار إليه يشهد لها آيات كثيرة في