قلت: وفيه نظر فإن محمد بن عمرو، فيه كلام ولذلك لم يحتج به مسلم، وإنما
روى له متابعة، وهو حسن الحديث، وأما قول الكوثري في مقدمة " التبصير في
الدين " (ص ٥) أنه لا يحتج به إذا لم يتابع، فمن مغالطاته، أو مخالفاته
المعروفة، فإن الذي استقر عليه رأي المحدثين من المحققين الذين درسوا أقوال
الأئمة المتقدمين فيه أنه حسن الحديث يحتج به، من هؤلاء النووي والذهبي
والعسقلاني وغيره. على أن الكوثري إنما حاول الطعن في هذا الحديث لظنه أن
فيه الزيادة المعروفة بلفظ: " كلها في النار إلا واحدة "، وهو ظن باطل،
فإنها لم ترد في شيء من المصادر التي وقفت عليها من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه من هذا الوجه عنه.
وقد ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " كما أوردته بدون الزيادة، ولكنه عزاه
لأصحاب " السنن " الأربعة، وهذا وهم آخر، فإن النسائي منهم ولم يخرجه،
وقد نص على ذلك كله الحافظ في " تخريج الكشاف " (٤ / ٦٣) بقوله:
" رواه أصحاب " السنن " إلا النسائي من رواية أبي هريرة دون قوله:
(كلها الخ) ".
والكوثري إنما اغتر في ذلك بكلام السخاوي على الحديث في " المقاصد الحسنة "
(ص ١٥٨) فإنه ذكره من حديثه بهذه الزيادة، وعزاه للثلاثة وابن حبان
والحاكم! وأما العجلوني في " الكشف " فقد قلد أصله " المقاصد " فيها،
ولكنه اقتصر في العزو على ابن ماجه وابن حبان والحاكم. وكل ذلك وهم نشأ
من التقليد وعدم الرجوع إلى الأصول، وممن وقع في هذا التقليد مع أنه كثير
التنديد به العلامة الشوكاني فإنه أورده في " الفوائد المجموعة " بهذه الزيادة
وقال (٥٠٢) :
" قال في " المقاصد ": حسن صحيح، وروي عن أبي هريرة وسعد وابن عمر