والطريق الأخرى: عن الهيثم بن جميل: حدثنا عبد الله
بن المثنى بن أنس عن ثمامة بن أنس عن أنس به. أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار
" (١ / ٤٦١) والطبراني في " المعجم الأوسط " (١ / ٥٥ / ٢ رقم ٩٧٦ - بترقيمي
) وابن حزم في " المحلى " (٨ / ٣٢١) والضياء المقدسي في " المختارة " (ق
٧١ / ١) . قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ممن احتج بهم البخاري في " صحيحه " غير
الهيثم ابن جميل، وهو ثقة حافظ من شيوخ الإمام أحمد، وقد حدث عنه بهذا
الحديث كما رواه الخلال عن أبي داود قال: سمعت أحمد يحدث به. كما في " أحكام
المولود " لابن القيم (ص ٨٨ - دمشق) ، ومن العجيب أنه أتبع هذه الطريق
بالطريق الأولى، وقال: " قال أحمد: منكر، وضعف عبد الله بن محرر ". ولم
يتعرض لهذه الطريق الأخرى بتضعيف! وكذلك فعل الطحاوي وابن حزم، فيمكن
اعتبار سكوتهم عنه إشارة منهم لقبولهم إياه، وهو حري بذلك فإن رجاله ثقات
اتفاقا غير عبد الله بن المثنى وهو ابن عبد الله بن أنس بن مالك، فإنه وإن
احتج به البخاري فقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا، كما ترى في " التهذيب "
وغيره، وذكره الذهبي في " المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " (١٢٩ / ١٩٠) ،
فهو وسط. وأفاد الحافظ ابن حجر في " مقدمة الفتح " (ص ٤١٦) أن البخاري لم
يحتج به إلا في روايته عن عمه ثمامة، وأنه إنما روى له عن غيره متابعة. قلت
: فلعل ذلك لصلة عبد الله بعمه، ومعرفته بحديثه، فهو به أعرف من حديث غيره،
فكأن البخاري بصنيعه هذا الذي أشار إليه الحافظ يوفق بين قول من وثقه وقول من
ضعفه، فهو في روايته عن عمه حجة، وفي روايته عن غيره