" إغاثة اللهفان " الذي قام المذكور بطبعه وتخريج أحاديثه، فأفسده أيما
إفساد بأكثر مما كان فعله من قبل بكتاب الإمام النووي: " الرياض "! والمقصود
الآن بيان جهله وطغيانه في تضعيفه لهذه الطريق الصحيحة، فأقول: لقد أعله في
" حواره " بالانقطاع بين مهاصر بن حبيب والعرباض بن سارية، مع أنه نقل (ص ٥٧
- ٥٨) عن أبي حاتم وابن حبان أن (مهاصرا) روى عن جماعة من الصحابة، ذكر
منهم أبو حاتم (أبو ثعلبة الخشني) . وابن حبان (أسد بن كرز) ، وأما هو
فلا يسلم لهذين الحافظين، ويجزم (ص ٥٩) بأنه لم يسمع منهم، بناء على أنه
تبنى قول بعض المتقدمين بشرطية ثبوت اللقاء، وليس المعاصرة فقط، ومع أن هذا
الشرط غير مسلم به عند الإمام مسلم وجماهير المحدثين والفقهاء كما هو معلوم
في كتب المصطلح، فهو عند التحقيق شرط كمال، وليس شرط صحة كما حققته في مقدمة
الرد المشار إليه آنفا، ومع ذلك، فإن هذا الجاني على السنة لم يكتف بالتبني
المذكور - إذن لهان الأمر بعض الشيء - بل زاد عليه أن يشترط ثبوت السماع من
الراويين، ولو كان اللقاء ثابتا في الأصل، فهو يضعف لذلك أحاديث كثيرة صحيحة
. وقد بينت تمسكه بهذا الشرط الذي لا يقول به الأئمة حتى البخاري بأمثلة
ذكرتها في تلك المقدمة. والمقصود أن الرجل منحرف عن (الجماعة) تأصيلا
وتفريعا، فلا قيمة لمخالفاته البتة، ولا غرابة في تباين أحكامه عن أحكام
علمائنا، وهاك المثال تأصيلا وتفريعا، فقد أعل أحاديث (المهاصر) عن
الأصحاب الثلاثة الذين تقدم ذكرهم، ومنهم (أسد بن كرز) بالانقطاع المنافي
للصحة، وهذا هو الحافظ ابن حجر قد حسن إسناد حديث المهاصر عن (أسد بن كرز)
في ترجمة هذا من " الإصابة "،