كثير من الأحيان يوثق شيوخا له يعرفهم
مباشرة، أو شيخا من شيوخهم، فهو في هذه الحالة أو التي قبلها إنما يوثق على
معرفة منه به، أو بواسطة شيوخه كما هو ظاهر، ومحمود المروزي من هذا القبيل،
فإن ابن حبان لما أورده في " الثقات " (٩ / ٢٠٢ - ٢٠٣) قال: " حدثنا عنه
المراوزة ". فقد روى عنه جمع، فإذا رجع الباحث إلى " التهذيب " وجد فيه أسماء
عشرة من الذين رووا عن محمود هذا، أكثرهم من كبار الحفاظ الثقات طبعا،
كالإمام البخاري كما تقدم وأحمد بن حمدون الأعمشي، ومحمد بن حمدويه، ومحمد
بن عبد الرحمن الدغولي، ولما ترجمه أبو يعلى الخليلي القزويني في كتابه "
الإرشاد في معرفة علماء الحديث " قال (٣ / ٩٠٠) : سمع منه أبو داود السجستاني
وابنه عبد الله، وآخر من روى عنه محمد بن حمدويه المروزي.. ". قلت: فهو
إذن من علماء الحديث، ومن شيوخ كبار الحفاظ، أفيقال في مثله: " لم يوثقه
غير ابن حبان "؟! زاد على ذلك أن ابن أبي حاتم قال (٤ / ١ / ٢٩١) : " كان
ثقة صدوقا ". وإن مما يؤكد ما تقدم، وأنه ثقة يحتج به أمران اثنان: أحدهما
: أن الحافظ الخليلي نفسه احتج لإثبات أن حديث " قبض العلم " المروي في "
الصحيحين "، والمخرج عندي في " الروض " (٥٧٩) من طرق عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، احتج الحافظ على أن له