الثالث: أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر حلق
الجبين واحتج بالحديث كما تقدم في رواية الهيثم، فدل على أنه لا فرق بين
الحلق والنتف من حيث أن كلا منهما تغيير لخلق الله. وفيه دليل أيضا على أن
النتف ليس خاصا بالحاجب كما زعم بعضهم. فتأمل. الرابع: أنه مخالف لما فهمه
العلماء المتقدمون، وقد مر بك قول الحافظ الصريح في إلحاق الوصل بالوشم
وغيره. وأصرح من ذلك وأفيد، ما نقله (١٠ / ٣٧٧) عن الإمام الطبري قال: "
لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص
التماس الحسن، لا للزوج ولا لغيره، لمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما
بينهما توهم البلج، أو عكسه، ومن تكون لها سن زائدة فتقلعها، أو طويلة
فتقطع منها، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف، ومن يكون شعرها قصيرا
أو حقيرا فتطوله، أو تغزره بشعر غيرها، فكل ذلك داخل في النهي، وهو من
تغيير خلق الله تعالى. قال: ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية كمن
يكون لها سن زائدة، أو طويلة تعيقها في الأكل.. " إلخ. قلت: فتأمل قول
الإمام: " أو عكسه "، و " أو لحية.. "، وقوله: " فكل ذلك داخل في النهي،
وهو من تغيير خلق الله ". فإنك ستتأكد من بطلان قول الغماري المذكور، والله
تعالى هو الهادي. هذا وفي رؤية ابن مسعود جبين العجوز يبرق دليل على أن " وجه
المرأة ليس بعورة "، والآثار في ذلك كثيرة قولا وفعلا، وقد سقت بعضها في "
جلباب المرأة المسلمة ". وأما ما زعمه البعض بأنه لا دليل في هذه الرواية على
ذلك، لأن العجوز من