قلت: ليتأمل القارىء هذا التدليس الخبيث،
كيف أنه تكلم عن بشير وأنه ثقة - وهذا حق - وانصرف عن الكلام عن علة الحديث
وهي أيوب بن عتبة الذي في رواية البيهقي موهما القراء أن لا علة فيه! كما أنه
ليس عند الباغندي (رقم ٦٤) التربيع أيضا! وقوله: فالحديث صحيح بمجموع
الطريقين إن كان يعني بهما رواية البيهقي والباغندي فهو واضح البطلان لأنه من
باب تقوية رواية الضعيف بروايته الأخرى، وهذا لا يصدر إلا من مأفون! وإن
كان يعني طريق أيوب هذه وطريق ابن راهويه، فهو قريب من الأول لأن مدارهما على
أبي بكر، غاية ما في الأمر أن الطريق الأولى منقطعة كما تقدم، والأخرى متصلة
، لكن الذي وصلها - وهو أيوب - ضعيف، والأولى رجالها ثقات، وقد قال
الغماري نفسه كما سبق أن إسنادها على شرط الشيخين فكيف يصح تقوية المنقطع
بالمتصل وروايته مرجوحة! هذا لو كان في متن كل منهما التربيع، وليس كذلك
كما سبق، ولم يكن ذكر التربيع في رواية أبي بكر منكرا، وهيهات هيهات، فقد
أثبتنا نكارته بما لا قبل لأحد برده مهما كان مكابرا كالغماري. وبهذا ينتهي
الكلام على حديثه الأول. ٢ - وأما حديثه الثاني وهو عن أنس، فقد كفانا مؤنة
رده اعتراف الغماري بأن في إسناده مجهولين، لكن هذا ليس بعلة قادحة عندي
لأنهما قد توبعا وإنما هي المخالفة، بل النكارة في المتن، والمخالفة في
السند والمتن! أما الأولى: فهي قولهما في حديثهما: أن جبريل أمر النبي صلى
الله عليه وسلم أن يؤذن للناس بالصلاة. ومعلوم أن الأذان إنما شرع في المدينة
!