قلت: وهذا كذب صريح،
وتدليس على القراء خبيث، فإن نافع بن جبير تابعي معروف ثقة، فلو أنه قال:
إسناده مرسل صحيح، لكان كذابا أيضا، فإن في الطريق إليه علتين تحولان دون
التصحيح: الأولى: وهي ظاهرة لكل ذي معرفة بهذا العلم، وما أظن ذلك مما
يخفى على الغماري، ولكنه الهوى! وهي قول ابن جريج: قال: قال نافع. فإن
ابن جريج كان من المدلسين المعروفين بذلك والمكثرين منه كما في " التحصيل " (
ص ١٢٣) للعلائي، فمثله لا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث، وبخاصة أنه كما
قال الدارقطني: " تدليسه قبيح، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم
بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة "! والعلة الأخرى: أن عبد الرزاق أخرجه في "
كتاب الصلاة " من " مصنفه " (١ / ٥٣٢ / ٢٠٣٠) ، وهذا الكتاب يرويه عنه إسحاق
بن إبراهيم الدبري (انظر ص ٣٤٩ منه) وفي سماعه منه كلام معروف، قال النسائي
في " الضعفاء " (ص ٢٩٧ / ٣٧٩) في ترجمة عبد الرزاق: " فيه نظر لمن كتب عنه
بأخرة ". زاد في " التهذيب " عنه: " كتب عنه أحاديث مناكير ". وقال الذهبي
في " الميزان " في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الدبري: " سمع من عبد الرزاق
تصانيفه، وهو ابن سبع سنين أو نحوها، لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة،
فوقع التردد فيها هل هي منه فانفرد بها، أو هي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق
".