وخلاصة ما تقدم أن حديث الترجمة صحيح بمتابعه وشاهده، وبعضه في "
صحيح البخاري "، وبشاهده الذي حسنه الحافظ. وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن
عائشة، وهو الآتي بعده. والحمد لله تعالى وحده. ثم رأيت المسمى حسن السقاف
الهالك في تقليد شيخه عبد الله الغماري، قد نقل عن كتابه " الصبح " بعض أقواله
في أحكام السفر، نقلها في كتاب له أسماه " صحيح صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها "، وهو كتاب مزور مسروق من كتابي
المعروف كما يشعرك به عنوانه، ويؤكد ذلك لكل باحث بصير مضمونه، فإنه جرى فيه
على نهج شيخه في التدليس على القراء وتضعيف الأحاديث الصحيحة وتصحيح الأحاديث
الضعيفة مؤكدا بذلك أنه - على الأقل - من أهل الأهواء بما لا مجال لبيان ذلك
الآن، فحسبي من ذلك هنا الإشارة إلى أنه في كتابه المذكور عقد فصلا في آخره في
قصر الصلاة في السفر، جرى فيه على الإعراض عن دلالة حديث عائشة وغيره في وجوب
قصر الصلاة في السفر، مصرحا بأنه رخصة فقط! وأتى برواية باطلة عن عائشة، أن
قصره صلى الله عليه وسلم إنما كان في حرب، وأنه كان يخاف!! ومن المتواتر عن
النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين أنهم داوموا على القصر في السفر
في حجة الوداع وغيرها، فهل خفي هذا على هذا المقلد، أم هي المكابرة والجحد
للحقائق؟! ثم لم يكتف بذلك بل زاد في الطين بلة أنه زعم (ص ٢٧٦) أن سنده حسن
، وهو في ذلك غير صادق، وقد بينت ذلك في " الضعيفة " رقم (٤١٤١) . والله
المستعان. وإليك الآن بالطريق الآخر الموعود لحديث عائشة الصحيح رضي الله
تبارك وتعالى عنها: " كان يصلي بمكة ركعتين - يعني - الفرائض، فلما قدم
المدينة، وفرضت عليه الصلاة أربعا، وثلاثا، صلى وترك الركعتين كان
يصليهما بمكة تماما للمسافر ".