" فكان ابن عمر يجز سباله كما تجز الشاة أو البعير ". قلت: وهذا
إسناد جيد، رجاله ثقات، وفي معقل بن عبيد الله كلام يسير لا يضر، وقد أخرج
له مسلم، ولذلك سكت عنه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (١ / ١٤١ -
بيروت) والحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (١٠ / ٣٤٧ - ٣٤٨) وعزاه
للطبراني والبيهقي. وللحديث شواهد خرجت بعضها في " جلباب المرأة المسلمة " (
ص ١٨٥ - ١٨٧ / طبعة المكتبة الإسلامية) و " آداب الزفاف " (ص ٢٠٩ و ٢١٠ /
طبعة المكتبة الإسلامية) . (السبال) جمع (السبلة) بالتحريك: (الشارب)
كما في " النهاية ". هذا، ولقد كان الباعث على تخريج الحديث أنني لم أجده في
" موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " للهيثمي، فظننت أنه تعمد ذلك لورود أصله
في " الصحيحين " كما تراه في " جلباب المرأة "، أو أنه سها عنه، كما سها عن
كثير غيره، وكما سها عنه الحافظ في اقتصاره على عزوه إياه للطبري والبيهقي!
واعلم أن في هذا الحديث توجيها نبويا كريما طالما غفل عنه كثير من خاصة
المسلمين فضلا عن عامتهم، ألا وهو مخالفة الكفار المجوس وغيرهم كما في
الحديث المتفق عليه: " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ". والأحاديث
بهذا المعنى كثيرة جدا معروفة. فالذي أريد بيانه إنما هو التنبيه على أن
المخالفة المأمور بها هي أعم من التشبه المنهي عنه، ذلك أن التشبه أن يفعل
المسلم فعل الكافر، ولو لم يقصد التشبه، وبإمكانه أن لا يفعله. فهو مأمور
بأن يتركه. وحكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه قوة وضعفا. وأما المخالفة
فهي على العكس من ذلك تماما فإنها تعني أن يفعل المسلم فعلا لا يفعله الكافر،
إذا لم يكن في فعله