إلى أرقامها في "
مسلم "، وذلك يعني - إن كان واعيا لما يشير - أنها من رواية سليمان بن بريدة
عن أبيه، والأولى من الأربعة في الإذن بزيارة القبور، والثاني في السلام
عليها، والثالث في حرمة نساء المجاهدين، والرابع: " من دعا إلى الجمل
الأحمر ". وقد يقال: لعله أوردها مع تسليمه بضعف إسنادها في قرارة نفسه،
لشواهد لها عنده تقويها! فأقول: هذا أولا غير معروف عنه، فكم من أحاديث
صحيحة بمجموع طرقها أوردها في " ضعيفته " متباهيا! وثانيا: لا يعرف لكثير من
تلك الأحاديث ما يقويها، مثل حديث: " حرمة نساء المجاهدين ". وثالثا: كان
عليه أن ينبه القراء على أنه لا تلازم بين إعلال الحديث بالانقطاع - لو صح -
وبين ضعفه، لما ذكرته، لكي لا يدعهم في حيرة من أحاديث الابنين عن أبيهما
بريدة رضي الله عنه، وليقطع بذلك دابر سوء ظنهم به، ولو بكلمة قصيرة عندما
ضعف الحديثين الصحيحين المشار إليهما فيما سبق بعلة الانقطاع، وإذ لم يفعل
فهو متهم بتضعيفه لكل الأحاديث الواردة من طريقهما عن أبيهما حتى يعلن رأيه
الصريح في كل الأحاديث التي صح السند بها إليهما عن أبيهما. فإن كان الجواب:
إنها صحيحة، فقد اهتدى وبطلت العلة المذكورة، وهذا هو المراد، وإن ظل
متشبثا بها، لزمه ما ألزمناه من تضعيفه لعشرات الأحاديث الصحيحة، مخالفا بذلك
(سبيل المؤمنين) . ولتزداد يقينا - أيها القارىء الكريم - ببالغ خطورة
التشبث المذكور، ينبغي أن تعلم أن إعلاله المذكور يشمل عشرات الأحاديث الأخرى
المبثوثة في مختلف كتب السنن والمسانيد والمعاجم والفوائد وغيرها مما يصعب
إحصاؤه وحصره، ولذلك فإني سأكتفي بذكر مواضع أحاديثهما