للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ليس غرضي مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية،

والرد على من ينكرها. ولكنني من جانب آخر أنكر أشد الإنكار على الذين

يستغلون هذه العقيدة، ويتخذون استحضار الجن ومخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين

والمصابين بالصرع، ويتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة

القرآن مما لم ينزل الله به سلطانا، كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحيانا

قتل المصاب، كما وقع هنا في عمان، وفي مصر، مما صار حديث الجرائد والمجالس

. لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفرادا قليلين صالحين فيما مضى،

فصاروا اليوم بالمئات، وفيهم بعض النسوة المتبرجات، فخرج الأمر عن كونه

وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة، إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها

الشرع ولا الطب معا، فهي - عندي - نوع من الدجل والوساوس يوحي بها الشيطان

إلى عدوه الإنسان * (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم

إلى بعض زخرف القول غرورا) *، وهو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها

المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى: * (وأنه كان رجال من الإنس

يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) *. فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا -

أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟ مسلم أم كافر؟ وصدقه

المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده، فقد شملهم جميعا وعيد قوله صلى الله

عليه وسلم: " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على

محمد "، وفي حديث آخر: ".. لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " (١) .


(١) رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " غاية المرام " (رقم ٢٨٤) ورواه
الطبراني من طريق أخرى بقيد: " غير مصدق لم تقبل ... "، وهو منكر بهذه
الزيادة، ولذلك خرجته في " الضعيفة " (٦٥٥٥) . والحديث الذي قبله صحيح
أيضا، وهو مخرج في " الإرواء " برقم (٢٠٠٦) وفي غيره. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>