ولا ينافي ذلك
ما استصوبه ابن جرير (٢١ / ٤) أن الآية عامة تعني كل ما كان من الحديث ملهيا
عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه ورسوله. قال: " والغناء والشرك من
ذلك ". ومال إلى هذا ابن كثير في " تفسيره "، وابن القيم في " الإغاثة " (
١ / ٢٤٠ - ٢٤١) . وفيما تقدم رد قوي على ابن حزم في قوله في " رسالة الملاهي
" (ص ٩٧) : أنه لم يثبت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تفسير
الآية بأنه الغناء! قال: " وإنما هو قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة
"! ومع سقوط كلامه هذا بما سبق، فيخالفه صنيعه في " المحلى "، فقد ساق فيه
الروايات المتقدمة عن ابن مسعود وابن عباس، وعن غيرهما من التابعين، ولم
يضعفها، وإنما قال: " لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم "!
فنقول: كلمة حق أريد بها باطل، لأنه لم يذكر عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالف
تفسيرهم. ثم زعم أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين! وهذا كالذي
قبله، فإنه لم يذكر ولا رواية واحدة مخالفة، ولو كان لديه لسارع إلى بيانها
. ثم احتج بأن الآية فيها صفة من فعلها كان كافرا. فنقول: هذا حق، ولكن ذلك
لا ينفي أن يؤاخذ المسلم بقدر ما قام فيه من تلك الصفة، كالالتهاء بالأغاني عن
القرآن. وتفصيل هذا في " إغاثة اللهفان ".