" وقد عرفت أن السنة لم تثبت في ذلك "!! وهو غير صادق فيما قال لوجهين:
الأول: أنه جحد التواتر، فصدق في مثله قوله تعالى: * (وجحدوا بها
واستيقنتها أنفسهم) *. والآخر: قوله: " قد عرفت.. "، إذ لا يمكن معرفة
صحة الدعوى إلا بتقديم الحجة والبرهان كما هو مستقر بداهة في الأذهان، وهو
لم يفعل شيئا من ذلك مطلقا إلا مجرد الدعوى، وهذا شأن عالمهم الذي زعم بعض
الكتاب أنه معتدل غير متعصب، وايم الحق إن من بلغ به التعصب من أهل الأهواء
إلى رد أخبار التواتر التي عني بها أهل الحديث عناية لا قبل لأهل الأهواء
بمثلها، لحري به أن يعجز عن إقامة البرهان على صحة مذهبهم الذي شذوا فيه عن
أهل السنة والحديث. فهذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق. وقبل أن
أمسك القلم أقول: لقد اعتاد الرجل السالمي أن يسوق كلامه على عواهنه مؤيدا به
مذهبه وهواه، من ذلك أنه قرن مع الشيعة والخوارج بعض علماء السنة من
الظاهرية، فقال (ص ١٧٨) عطفا على المذكورين: " وأبو بكر بن داود الظاهري "
. فأقول: أبو بكر هذا هو محمد بن داود بن علي الظاهري، ترجمه الحافظ الذهبي
في " السير " (١٣ / ١٠٩) : " حدث عن أبيه، وعباس الدوري.. وله بصر تام
بالحديث وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدا ".