تجاهه، فقال: يا
رسول الله! أعط أبا بكر، وخشي أن يعطي الأعرابي، فأبى صلى الله عليه وسلم
وأعطى الأعرابي، وقال: الحديث. وفي رواية لمسلم: وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " الأيمنون، الأيمنون، الأيمنون ". قال أنس: فهي سنة، فهي سنة
، وهي سنة. فأقول: فمن الغرائب أن يصر كثير من الأفاضل على مخالفة هذه السنة
، بل هذا الأدب الاجتماعي الذي تفرد الإسلام به - في مجالسهم الخاصة -، حيث لا
يخشى أن يقع أي محظور في العمل بها سوى مخالفة عادة الآباء والأجداد! ولقد
كان إعراضهم عن هذه السنة الصحيحة اعتمادا منهم على تلك الفلسفة التي نفيتها
آنفا - سببا لمخالفتهم هم أنفسهم إياها، حين لم يلتزموها عمليا، فصار الساقي
يبدأ - على علم منهم - بأكابرهم وأمرائهم، ولو كانت فلسفتهم لا تنطبق عليهم
! وأنا حين أقول هذا - أعلم أنهم إنما يصرون على هذه المخالفة من باب الحكمة
والسياسة والمداراة، وأنهم لا يملكون غير ذلك لفساد النفوس والأخلاق.
ولكني أقول: لو أنهم التزموا العمل بهذه السنة في مجالسهم الخاصة، وحضرها أحد
أولئك الأمراء لانقلب الأمر ولاضطر هؤلاء إلى أن يسايسوا أهل المجلس،
ولاسيما وهم من الساسة! ولما طمعوا أن يعاملوا بخلاف السنة، ثم لانتشرت هذه
إلى مجالس الساسة الخاصة! ويشبه هذه المسألة إيجابا وسلبا مسألة القيام
للداخل، فلما تركت هذه السنة بدعوى الاحترام والإكرام لأهل العلم والفضل،
تحول ذلك مع الزمن إلى القيام لمن ليس في العير ولا النفير كما يقال، بل إلى
القيام للفساق والفجار. بل ولأعداء الله! فهل من معتبر؟!