من حديث أبي سعيد كما يأتي، ولكنه يتعارض مع حديث الترجمة، وبخاصة مع الوجه
المذكور عن ثابت بن وداعة الذي رجحه البخاري رحمه الله، فإن فيه قوله عن النبي
صلى الله عليه وسلم: " فما أمرنا بأكلها، ولا نهى "، بل مطابق لحديث ابن
عمر تمام المطابقة. نعم، هو يتعارض - فيما يبدو - مع الأمر بإكفاء القدور،
المروي في بعض الطرق عن الأعمش كما تقدم، فإنه يستلزم النهي عن أكله،
ولاسيما وفيه أنهم كانوا جياعا. وقد أجاب عنه ابن حبان بقوله عقب الحديث (٧
/ ٣٤٠ - الإحسان) : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد به الزجر عن أكل الضباب
، والعلة المضمرة هي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعافها، لا أن أكلها
محرم ". هذا تفصيل الإجمال المتعلق بالإسناد. وأما الاختلاف في الألفاظ،
فهو ظاهر مما سبق ذكره من بعض الروايات طولا وقصرا، والخطب في مثل هذا سهل
ومغتفر، لقاعدة زيادة الثقة مقبولة. لكن المهم من ذلك ما سبق الإشارة إليه
آنفا من الأمر بإكفاء القدور، فإنه يبدو أنه لا مجال لإدخالها في القاعدة
المذكورة للأسباب الآتية: الأول: عدم اتفاق الرواة لحديث الأعمش عليه.
الثاني: أنه لم يذكر مطلقا في الطرق الأخرى عن زيد بن وهب، بل في بعضها ما هو
معارض له، أعني طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي التي رجحها البخاري، وصرح
الحافظ بصحتها ففيها: " فما أمر بأكلها، ولا نهى ".