إنه مجرد ظن منه لا دليل عليه، فإني أقول: ألا يحتمل أن يكون ابن صحابي؟ بل
لعل هذا أولى. ذاك هو وجه الاختلاف في الإسناد على يحيى بن الجزار. وأما
الاختلاف عليه في متنه فهو واسع، ولكني اقتصر الآن على ما لابد لي من بيانه،
فأقول: هي في الجملة تختلف طولا وقصرا، فأطولها رواية أبي معاوية عند أحمد
والبغوي، واختصر بعضها أبو داود، ونحوها في الطول رواية عبد الله بن بشر عند
ابن ماجه. وفي الروايتين أن زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما كانت تختلف
إلى رجل يهودي فيرقيها! وهذا مستنكر جدا عندي أن تذهب صحابية جليلة كزينب هذه
إلى يهودي تطلب منه أن يرقيها!! إنها والله لإحدى الكبر. فالحمد لله الذي لم
يصح السند بذلك إليها. ونحوها في النكارة: ما جاء في آخر رواية ابن بشر أن
ابن مسعود رضي الله عنه قال لزينب: " لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان خيرا لك وأجدر أن تشفين: تنضحين في عينيك الماء، وتقولين: أذهب
البأس رب الناس.. " إلخ الدعاء المعروف. فذكر النضح، إنما تفرد به عبد الله
بن بشر دون أبي معاوية، وهذا أوثق منه وأحفظ، ولاسيما وهو مختلف فيه،
فقال الحافظ في " التقريب ": " اختلف فيه قول ابن معين وابن حبان، وقال أبو
زرعة: لا بأس به.. وحكى البزار أنه ضعيف في الزهري خاصة ". قلت: فمثله
إنما يكون حديثه حسنا فقط إذا لم يخالف، أما مع المخالفة فلا،