مسافر أو من دونه، لأنه لا يجوز الزيادة في الرواية بالرأي دون
بيانها، وإلا كان ذلك سببا لإسقاط الثقة بأحاديث الثقات كما لا يخفى. وهناك
متابعات أخرى نكتفي منها بما قدمنا، وكلها متفقة على أن المحفوظ عن الزهري في
حديثه عن أنس إنما هو بلفظ: " خاتم من ورق "، وهذا مشكل، لأن المحفوظ في
هذه القصة من حديث ابن عمر، من رواية نافع وعبد الله بن دينار عنه أن الخاتم
المطروح من النبي صلى الله عليه وسلم ومن الناس إنما هو خاتم الذهب، وهو
الذي قال فيه: " لا ألبسه أبدا ". رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "
مختصر الشمائل " (٦٣ / ٨٤) . ولذلك قال ابن عبد البر في " التمهيد " (١٧ /
١٠٠) عقب حديث الزهري هذا: " وهذا غلط عند أهل العلم، والمعروف أنه إنما
نبذ خاتما من ذهب لا من ورق "، ثم قال: " المحفوظ في هذا الباب عن أنس غير ما
قال ابن شهاب من رواية جماعة من أصحابه عنه، قد ذكرنا بعضهم ". وذكر الحافظ
نحوه في " الفتح " (١٠ / ٣٢٠) وقال: " قال النووي تبعا لعياض: قال جميع
أهل الحديث: هذا وهم من ابن شهاب، لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب،
ومنهم من تأوله كما سيأتي ". ثم ذكر بعض التأويلات التكلف فيها ظاهر، ولا
عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما دام أن أهل الحديث حكموا
بوهم ابن شهاب، فلا مسوغ للتأويل.