هذه الحالة يكون تساهلا مردودا كما هو الشأن هنا،
فإن مسعدة هذا قال الذهبي في " الميزان "، ووافقه العسقلاني في " اللسان ":
" هالك، كذبه أبو داود، وقال أحمد: حرقنا حديثه منذ دهر ". فمثل هذا
بالكاد أن يقال فيه: " متروك "، وأما أن يقال فيه: " ضعيف " فلا. ثانيا:
أحمد بن طارق الواشي لم أعرفه، وهذه النسبة لم يذكرها السمعاني وابن الأثير
. ثالثا: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال الحافظ في " المغني ": " وثقه جزرة
، وكذبه عبد الله بن أحمد ". هذا ويشهد لمعنى حديث الترجمة عموم قوله صلى
الله عليه وسلم: " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين، بني ثلاث وثلاثين
". حسنه الترمذي، وهو صحيح بمجموع طرقه وشواهده، وقد بينت ذلك في "
التعليق الرغيب " (٤ / ٢٤٥) وتقدم بعضها برقم (٢٥١٢) .
(تنبيه) : كنت خرجت الحديث في بعض مؤلفاتي مثل " غاية المرام " (ص ٢١٥ - ٢١٦
) محسنا إياه، والآن فقد ازداد قوة بهذا الحديث الصحيح، مع ما جاء في تفسير
* (إنا أنشأناهن إنشاء) *. ورغم ذلك كله، فقد أقدم (هدام السنة) المشهور
على تجاهل رواية البيهقي لحديث عائشة السالمة من مسعدة (الهالك) ، وإنما قلت
: " تجاهل " - ولم أقل " جهل " كما تقتضيه قاعدة حسن الظن بالمسلم، ولو أنه
لم يبق مجالا لحسن الظن به لكثرة تجاوزاته ومخالفاته - لم أقل " جهل "،
وإنما " تجاهل " لأنه على علم برواية البيهقي، لأنه لم ينقل رواية الطبراني
مباشرة من " معجمه "، وإنما بواسطة الدر " المنثور " كما ذكر ذلك بالجزء
والصفحة، وهو فيه معزو للبيهقي أيضا، فتعامى عنها، وهكذا فليكن التدليس
والإخلال بالأمانة العلمية.