قلت: وقلده الهدام، وهذا منه على خلاف عادته وهدمه
، فإنه ينطلق فيه إلى تبني أسوأ ما قيل في الراوي، ولو كان مرجوحا، وما هنا
على العكس تماما، فإن الراجح في أبي شيبة هذا أنه متروك، كما في " الكاشف "
و" التقريب " وغيرهما، فما هو السبب يا ترى؟ والجواب: هو التقليد حين لا
يهمه الأمر، وإلا اجتهد، ولو خالف الأئمة الأوتاد! وإن مما يؤكد ما ذكرت
أنه فاته أن الراوي عنه جبارة بن المغلس ضعيف أيضا كما قال الذهبي والعسقلاني
، بل كذبه بعضهم. فالإسناد شديد الضعف لا يستشهد به. وإن مما يؤكد ذلك أن
المحفوظ عن مجاهد مرسل، أخرجه ابن جرير في " تفسيره " (١٠ / ١٠٤) من طريق
عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله: * (ائذن لي ولا تفتني) *. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء
الروم ". فقال الجد: ائذن لنا، ولا تفتنا بالنساء. قلت: وهذا إسناد صحيح
مرسل عن مجاهد، وهو شاهد قوي لحديث ابن عباس، فإنه من تلامذته، ممن تلقوا
التفسير عنه، وابن أبي نجيح اسمه عبد الله، قال الذهبي في " الميزان ": "
صاحب التفسير، أخذ عن مجاهد وعطاء، وهو من الأئمة الأثبات. وقال يحيى
القطان: لم يسمع التفسير كله من مجاهد، بل كله عن القاسم بن أبي بزة ". قلت
: والقاسم هذا ثقة احتج به الشيخان. وذكر المزي في ترجمة ابن أبي نجيح أن
الشيخين أخرجا له عن مجاهد.