ذهب عصر وجاء عصر، فلما حضرته الوفاة قال: أي بني! أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب. قال: فهل أنتم مطيعي؟ قالوا: نعم. قال: انظروا: إذا مت أن تحرقوني حتى تدعوني فحماً، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ففعلوا ذلك. ثم اهرسوني بالمهراس- يومئ بيده-، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ففعلوا- والله! - ذلك. ثم اذروني في البحر في يوم ريح؛ لعلي أَضِلُّ الله تبارك وتعالى. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ففعلوا - والله! - ذلك، فإذا هو في قبضة الله تبارك وتعالى، فقال: يا ابن آدم! ما حملك على ما صنعت؟ فال: أي رب! مخافتك. قال: فتلافاه الله تبارك وتعالى بها".
أخرجه أحمد (٤/٤٤٧و٥/٣) ؛ والطبراني في " المعجم الكبير" (١٩/٤٢٧/١٠٧٣)
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات.
وأقول: إن رواية حماد بن سلمة لهذا الحديث بأسانيد ثلاثة عن ثلاثة من الصحابة مما يدل على أنه كان من كبار الحفاظ؛ كما يدل على أن الحديث كان مشهوراً بين الأصحاب. ويؤكد هذا أنه جاء عن أبي هريرة من طرق أخرى، وعن صحابة آخرين.
أما الطرق عن أبي هريرة:
١- فرواه أبو الزناد عن الأعرج عنه مرفوعاً نحوه.
أخرجه مالك (١/٢٣٨) ، ومن طريقه: البخاري (٧٥٠٦) ، ومسلم (٨/٩٧) ، والخطيب في "التاريخ " (٤/٣٨٩) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (١٨/٣٨) ، كلهم عن مالك به. والزيادات والطريق لمسلم.