ولا يمكن أن يُنفى عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله عليه؛ ولكن هو كفر عمل لا كفر اعتقاد.
وقد نفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإيمان عن الزاني، والسارق، وشارب الخمر، وعمن لا يأمن جاره بوائقه، وإذا نفى عنه اسم الإيمان؛ فهو كافر من جهة العمل، وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد.
(قلت: لكني أرى أنه لا يصح أن يطلق على أمثال هؤلاء لفظة الكفر؛ فيقال مثلاً: من زنى فقد كفر، فضلاً عن أنه لا يجوز أن يقال: فهو كافر، حتى على تارك الصلاة وعلى غيره ممن وصف في الحديث بالكفر، وقوفاً مع النص- ودفعاً لإيهام الوصف بالكفر الاعتقادي-، ومن باب أولى أن لا يقال: كافر حلال الدم!
قال بعد أن ذكر الحديث الصحيح:"سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر") :
ومعلوم أنه إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي، وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الإسلامية والملة بالكلية؛ كما لا يخرج الزاني والشارب من الملة، وإن زال عنه اسم الإيمان.
وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله، وبالإسلام والكفر ولوازمهما.
ثم ذكر الأثر المعروف عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) : ليس بالكفر الذي تذهبون إليه.
(قلت: زاد الحاكم: إنه ليس كفراً ينقل عن الملة، كفر دون كفر. وصححه
هو (٢/٣١٣) والذهبي. وهذا قاصمة ظهر جماعة التكفير وأمثالهم من الغلاة. ثم