وإن كل من تأمل في جوابه على هذا التساؤل يلاحظ أنه حاد عنه إلى القول بأن الأعمال الصالحة لا تقبل إلا بالصلاة، فأين الجواب عن كون الصلاة شرطاً لصحة الإيمان؟ أي: ليس فقط شرط كمال؛ فإن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال عند أهل السنة؛ خلافاً للخوارج والمعتزلة القائلين بتخليد أهل الكبائر في النار؛ مع تصريح الخوارج بتكفيرهم، فلو قال قائل بأن الصلاة شرط لصحة الإيمان، وأن تاركها مخلد في النار؛ فقد التقى مع الخوارج في بعض قولهم هذا، وأخطر من ذلك أنه خالف حديث الشفاعة هذا كما تقدم بيانه.
ولعل ابن القيم رحمه الله بحيدته عن ذاك الجواب أراد أن يشعر القارئ بأهمية الصلاة في الإسلام من جهة؛ وأنه لا دليل على أنها شرط لصحة الإيمان من جهة أخرى.
وعليه؛ فتارك الصلاة كسلاً لا يكفر عنده إلا إذا اقترن مع تركه إياها ما يدل على أن كفره كفر اعتقادي، فهو في هذه الحالة فقط يكفر كفراً يخرج به من الملة؛ كما تقدمت الإشارة بذلك مني. وهو ما يشعر به كلام ابن القيم في آخر هذا الفصل) ؛ فإنه قال:
" ومن العجب أن يقع الشك في كفر من أصر على تركها ودعي إلى فعلها على رؤوس الملأ، وهو يرى بارقة السيف على رأسه، ويشد للقتل، وعصبت عيناه، وقيل له: تصلي وإلا قتلناك؟ فيقول: اقتلوني ولا أصلي أبداً! "..
قلت: وعلى مثل هذا المصر على الترك والامتناع عن الصلاة- مع تهديد الحاكم له بالقتل- يجب أن تحمل كل أدلة الفريق المكفر للتارك، وبذلك تجتمع
أدلتهم مع أدلة المخالفين؛ ويلتقون على كلمة سواء: أن مجرد الترك لا يكفر؛ لأنه