قلت: والحديث مطابق لمفهوم قوله تعالى: (إن بعض الظن إثم)[الحجرات/١٢] ؛ أي: ليس كل الظن إثماً. ولهذا؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(١٥/ ٣٣١) :
"فهذا الحديث يقتضي جواز بعض الظن؛ كما احتج البخاري على ذلك؛ لكن مع العلم بما عليه المرء المسلم من الإيمان الوازع له عن فعل الفاحشة يجب أن يُظن به الخير دون الشر".
وقد استشكل بعضهم ترجمة البخاري للحديث بما سبق؛ فقال:
"الحديث لا يطابق الترجمة؛ لأن في الترجمة إثبات الظن، وفي الحديث نفي الظن ".
حكاه الحافظ في "الفتح "(١٠/٤٨٥) ، ثم رده بقوله:
"والجواب أن النفي في الحديث لظن النفي؛ لا لنفي الظن، فلا تنافي بينه وبين الترجمة. وحاصل الترجمة؛ أن مثل هذا الذي وقع في الحديث ليس من الظن المنهي عنه؛ لأنه في مقام التحذير من مثل من كان حاله كحال الرجلين، والنهي إنما هو عن الظن السوء بالمسلم المسالم في دينه وعرضه. وقد قال ابن عمر: إنا كنا إذا فقدنا الرجل في عشاء الآخرة أسأنا به الظن. ومعناه: أنه لا يغيب إلا لأمر سيئ؛ إما في بدنه، وإما في دينه ".
قلت: وأثر ابن عمر: أخرجه البزار (١/٢٢٨/٤٦٢ و٤٦٣) بإسنادين عن نافع عنه، وإسناده الثاني عنه صحيح.