" لا بأس " به. ولا يضره
إن شاء الله تعالى أن خالفه غيره من الثقات فأوقفه، لأن الرفع زيادة، وهي من
ثقة فهي مقبولة، لاسيما ويشهد لها الطريق الأولى، فأخرج البخاري (١٠ / ٣١٧
) وابن أبي شيبة (١ / ٤١ - ٤٢) وأحمد (٢ / ٢٣٢) عن عمارة بن القعقاع عن
أبي زرعة قال:
" دخلت مع أبي هريرة دار مروان فدعا بوضوء فتوضأ، فلما غسل ذراعيه جاوز
المرفقين، فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين، فقلت: ما هذا؟ قال:
هذا مبلغ الحلية ".
واللفظ لابن أبي شيبة. قال الشيخ إبراهيم الناجي متعقبا رواية مسلم الأولى
وقد أوردها المنذري في " الترغيب ":
" وهذه الرواية تدل على أن آخره ليس بمرفوع أيضا ".
قلت: يعني قوله: " تبلغ الحلية ... ". وقد عرفت الجواب عن هذا الإعلال أنفا
وغالب ظني أن الناجي لم يقف على المتابعة المذكورة لخلف عند أبي عوانة ولا
على هذه الطريق الأخرى الصحيحة أيضا، وإلا لما قال ذلك.
على أنه قد بدى لي أن هذه الرواية وإن كانت موقوفة ظاهرا، فهي في الحقيقة
مرفوعة، لأن قوله: " هذا مبلغ الحلية " فيه إشارة قوية جدا إلى أن المخاطب
يعلم أن هناك حديثا مرفوعا بلفظ " مبلغ الحلية مبلغ الوضوء " كما هو مصرح به في
الطريق الثانية، فاكتفى الراوي بذلك عن التصريح برفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فتأمل.
وجملة القول: أن الحديث مرفوع من الطريقين، ولا يعله الموقوف لأنه في حكم
المرفوع كما سبق بيانه.