وقد حكى ابن عدي بعض ما قيل فيه من التضعيف والتوثيق، ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال:
" له أحاديث صالحة غير ما ذكرت، ولم أجد له شيئاً منكراً مجاوزاً الحد؛ لا إسناداً ولا متناً " إلا أنه يعد في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق ".
الوجه الثالث: قال زهير: حدثنا أبو إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال - وهو يخاف أن تبيته الحرورية -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفر الخندق، وهو يخاف أن يبيته أبو سفيان:
"إن بيتم.. " الحديث.
أخرجه النسائي- كما تقدم- مع ذكر مخالف له في الوجه الأول، وترجيح رواية النسائي هذه عن زهير.
ويبدو لي- والله أعلم- أن هذا الاختلاف في إسناده إنما هو من أبي إسحاق نفسه؛ فإنه كان مختلطاً يدلس، فكان تارة يسنده بذكر الصحابي فيه ولا يسميه؛ وتارة يسميه، وتارة يرسله، وتارة يذكر المهلب بن أبي صفرة بينه وبين الصحابي، وتارة يدلسه.
وان مما لا شك فيه عندي؛ أن الوجه الأول هو الصواب؛ لأنه من رواية سفيان ـ وهو الثوري-، وهو أحفظ المختلفين على أبي إسحاق من جهة؛ ثم إنه روى عنه قبل اختلاطه من جهة ثانية، وصرح بسماعه من المهلب في رواية عبد الرزاق والحاكم أيضاً، فأمنا بذلك شر تدليسه واختلاطه، وتابعه معمر على ذلك من جهة ثالثة. ولعله لذلك جزم الحافظ ابن كثير بقوله في "التفسير" (٤/٦٩) عقب رواية الثوري: