ومن الظاهر أنه هو الذي خالف في هذا الإسناد، فأسقط- من بين ابن مسعود وأبي عبيدة- مسروقاً؛ فإن رجاله ثقات غير كرز بن وبرة، وقد روى عنه جمع من الثقات، وقد ذكره ابن حبان فيهم، وقد تناقض فيه تناقضاً عجيباً، فأورده في "التابعين "(٥/٣٣٨) بروايته عن أنس! وما إخاله يصح، ثم ذكره (٩/٢٧) فيمن روى عن "أتباع التابعين "؛ بروايته عن الثوري (١) ! ولعل الصواب أن يذكر في "أتباع التابعين "؛ لأنه روى عن نعيم بن أبي هند كما في هذه الرواية، وكما في "الجرح"، وقال (٣/٢/١٧٠) :
"روى عنه الثوري وابن شبرمة وعبيد الله الوَصَّافي وفُضَيل بن غزوان وورقاء ابن عمر".
فإن هؤلاء أكثرهم من أتباع التابعين، غير ابن شبرمة- واسمه- عبد الله؛ فإنه تابعي كنعيم بن أبي هند، وعبيد الله الوصافي- وهو ابن الوليد-؛ فإنه من الرواة عن التابعين، فمن المحتمل أن يكون كُرْز هذا من صغار التابعين، وكان مشهوراً بالعبادة، بل وبالمبالغة فيها، وحكوا عنه في ذلك عجائب، له ترجمة واسعة في "تاريخ جرجان "(ص ٣٣٦- ٣٤٤) ، و"الحلية "(٥/٧٩- ٨٣) ، و"سير أعلام النبلاء"(٦/٨٤- ٨٦) ، ولقد عجبت منه- والله! وهو المحدث السلفي- كيف سكت عن بعض تلك المبالغات؟! مثل ختمه للقرآن في اليوم والليلة ثلاث مرات، وهو يعلم أنه خلاف السنة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
(١) كذا وقع فيه، والصواب أن الثوري روى عنه؛ كما يأتي عن "الجرح والتعديل ".