للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: سبحان الله اما أشبه اليوم بالبارحة، فها هو الجهمي المبتدع- بل الجاحد- يثلبه من جديد ويطعن فيه تقليداً منه للكوثري والغماري وأمثالهما من المتجهمة للسبب نفسه الذي ذكره ابن حبان- رحمه الله-، لذلك؛ تجده قد نصب نفسه- مثلهما- لرميه بما لا يصح، حتى ضعف به هذا الحديث الصحيح المتلقى من الأمة بالقبول، حتى من ابن الجوزي في "الدفع " الذي فتح له باب التجهم؛ فإنه لعلمه بثقة حماد لم يَسَعْهُ إلا التسليم به، ولكنه فسره بالمجاز الذي يؤدي بهم إلى أن يفسروا وجود ذاته تعالى بالمجاز أيضاً؛ لأن للمخلوقات وجوداً أيضاً، فإذا قالوا: لا ينسب الضحك إلى الله لأن الضحك من صفة الإنسان؛ فلينفوا إذن وجوده تعالى؛ لأن الإنسان موجود أيضاً! فسيقولون: وجوده تعالى ليس كوجودنا.. فنقول: قولوا إذن في كل صفة لله ثبتت في الكتاب أو السنة: إنها ليست كصفتنا؛ تستريحوا وتهتدوا (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ؛ فله سمع ولكن ليس كسمعنا، وبصر ليس كبصرنا.. ويضحك ولكن ليس كضحكنا؛ فإنه يقال في الصفات كلها ما يقال في الذات إثباتاً وتنزيهاً.

فهذا الحق ما به من خفاءٍ فدعني عن بُنَيَّات الطريق

ثم إن الواقع يشهد أن كل جهمي جاحد إنما هو من الذين قال الله فيهم: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة) ذلك؛ لأنهم يحاولون تضعيف أحاديث الصفات بكل وسيلة غير مشروعة، كما فعل هذا الجاحد بهذا الحديث، فضعف إماماً من أئمة المسلمين بزور ادعاه عليه، ثم لم يعبأ بمن تابعه من الثقات كما تقدم، ولا بورود هذه الصفة في أحاديث أخرى في "الصحيحين " وغيرهما، بحيث يقطع الواقف عليها بثبوت نسبتها إلى الله تعالى. وكذلك يفعل بكل أحاديث الصفات

<<  <  ج: ص:  >  >>