من "مسنده "، فأشكل ذلك علي، فتابعت البحث للوصول إلى الحقيقة، فوجدت الحاكم قد أخرجه في مكان آخر غير المكان الذي كنت عزوت رواية إسماعيل إليه، ومن غير طريقه: أخرجه (١/٥٥) من طريق يعقوب بن إبراهيم، وهذه متابعة قوية؛ لو ثبتت كان الإسناد صحيحاً على شرطهما كما قال الحاكم، لكن في النفس منها شيء؛ فإنه رواه عن شيخه القطيعي: ثنا عبد الله بن أحمد: ثني أبي: ثنا يعقوب ابن إبراهيم ... إلخ. وظاهر هذا الإسناد أن الحديث في "مسند أحمد"؛ لأنه من رواية القطيعي كما هو معلوم، وليس هو فيه كما يغلب على ظني بعد مزيد من البحث عنه، والاستعانة على ذلك بكل الوسائل الممكنة؛ قديمها وحديثها:
أولاً: لم يذكره الهيثمي في "مجمعه "، وقد ذكر فيه حديث أبي سعيد، وحديث أبي أمامة المشار إليهما آنفاً.
ثانياً: لم يورده الحافظ نفسه في "أطراف المسند"، كما نبأني بذلك أحد إخواني.
ثالثاً: لم يذكره أيضاً أخونا حمدي عبد المجيد السلفي في "فهارس المسند".
إلى غير ذلك من الوسائل المعروفة اليوم.
وينتج من ذلك أن إطلاق العزو لأحمد وهم؛ لأنه يعني أنه في "المسند" وليس فيه. فالأمر لا يتعدى احتمالاً من الاحتمالات الثلاثة:
الأول: أن يكون الحديث من رواية أحمد في غير "المسند"؛ مثل "الزهد" و"فضائل الصحابة"؛ فإنهما من رواية القطيعي.
الثاني: أن يكون من أوهام القطيعي؛ فإن فيه كلاماً من حيث كان اختلط في آخر أمره.
الثالث: أن يكون من أخطاء الحاكم على القطيعي. والله سبحانه وتعالى أعلم. *