صحابي، أثبت العلماء الذين إليهم المرجع في معرفة ذلك روايته عن بعضهم، دون أن يشيروا أدنى إشارة إلى عدم السماع، كما هي عادتهم فيمن يترجمون له، وقد قدمت في أول هذا التخريج تصحيح الترمذي لحديث أبي المتوكل عن عائشة تصحيحاً ذاتيّاً، وهي قد توفيت قبل أبي هريرة كما تقدم، وهذا يعني أنه أدركها وأنه لا انقطاع بينه وبينها، فكذلك القول في روايته عن أبي هريرة كما لا يخفى على أهل العلم؛ لأنه من المقرر عندهم أن المعاصرة تكفي لإثبات الاتصال كما هو مقرر في علم المصطلح.
وإن مما يؤكد ذلك: أن الحافظ العلائي لما أورد أبا المتوكل هذا في كتابه ".. أحكام المراسيل " لم يزد على قوله (٢٩٤/٤٥٠) :
"قال أبو حاتم: لم يسمع من عمر- رضي الله عنه- شيئاً ".
وهذا معناه: أنه سمع من الصحابة الآخرين الذين سبقت الإشارة إليهم، كما هو ظاهر، ومنهم أبو هريرة- رضي الله عنه-.
ثانياً: قوله: "كما أوضحت ذلك رواية ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير" ... ".
فأقول: فيه تدليس خبيث؛ لأنه ليس في "تفسير ابن كثير" التوضيح المذكور، بل فيه عكس ما أوهم القراء بتدليسه؛ فإنه ساق رواية ابن مردويه بسنده عن أبي المتوكل: أن أبا هريرة كان معه مفتاح بيت الصدقة ... وهذا ظاهره الإرسال الذي ادعاه، لكن الحافظ ابن كثير دفعه بأن عقَّب عليه برواية النسائي المتصلة؛ كهذا الحديث- حديث الترجمة- من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي هريرة، وقال عقبه: