وجملة القول؛ أن الحديث صحيح، لا يشك في ذلك أحد بعد أن يقف
على هذه الطرق وتصحيح بعض أئمة الحديث لبعضها؛ إلا إن كان ممن طمس الله على قلوبهم من ذوي الأهواء كذاك (السخاف)(١) الجاهل الذي يخالف سبيل المؤمنين والعلماء العارفين، فيضعف ما صححوه، كهذا الحديث الذي وضع فيه رسالة سماها- فُضَّ فوه- "أقوال الحفاظ المأثورة لبيان وضع حديث: (رأيت ربي في أحسن صورة) "!
وكذب- والله- عليهم، كيف وعلى رأس الحفاظ الإمام البخاري الذي
صححه كما تقدم؟! وتبعه تلميذه الإمام الترمذي وغيره؛ فقال ابن عبد البر في "التمهيد"(٢٤/٣٢٥) :
"معناه عند أهل العلم: في منامه، وهو حديث حسن، رواه الثقات ".
فهذا (السخاف) يعلم يقيناً أن الذي قال الحفاظ بوضعه؛ إنما هو الحديث
الموضوع حقّاً المشار إليه آنفاً:"أنه رأى ربه على الأرض ... " إلخ، وليس هو
حديث الاختصام الذي هو رؤيا منامية كما جاء مصرحاً في بعض الطرق، وقال به العلماء كما تقدم.
ووالله! إني لأخشى أن يكون وراء هذا الرجل جماعة من المفسدين في
الأرض، اتخذوه مَطِيَّةً لإفساد الدين، ويسروا له أسباب التأليف والنشر؛ لاستمراره في الطعن في السلف والعلماء وتعمده مخالفتهم، ورميه إياهم بالتجسيم! ومن آخر ما ظهر منه تصريحه بأن الاعتقاد بأن الله في السماء هي عقيدة المشركين والمشبهة. وكذلك جماهير العلماء الذين صححوا حديث الجارية:"أين الله؟ "،
(١) ليس هذا من باب التنابز، وإنما من باب الجرح؛ فقد قال الأئمة في أمثاله: أفَّاك دجَّال كذَّاب!