"وهو ظاهر في أنه قطع الصلاة؛ لكن ذكر البيهقي أن محمد بن عباد- شيخ
مسلم- تفرد عن ابن عيينة بقوله: "ثم سلم "، وأن الحفاظ من أصحاب ابن عيينة وكذا من أصحاب شيخه عمرو بن دينار، وكذا من أصحاب جابر لم يذكروا السلام؛ وكأنه فَهِمَ أن هذه اللفظة تدل على أن الرجل قطع الصلاة؛ لأن السلام يتحلل به من الصلاة، وسائر الروايات تدل على أنه قطع القدوة فقط ولم يخرج من الصلاة، بل استمر فيها منفرداً".
ثم ذكر الخلاف بين الرافعي والنووي في دلالة الحديث؛ هل المراد به قطع القدوة فقط، أم قطع الصلاة وإبطالها؟ فحكى الأول عن الرافعي، والآخر عن النووي، وهذا هو الذي كنت ملت إليه في "الإرواء "(١/ ٣٣١) ، وذكرت هناك ردّاً على الحافظ أنه لو كان المراد قطع القدوة؛ لم يكن هناك ما يبرر له الانصراف المذكور إلى ناحية المسجد؛ لأنه يتضمن عملاً كثيراً تبطل الصلاة به كما لا يخفى؛ وكنت استدللت عليه برواية مسلم:"فسلم، ثم صلى وحده "، وقلت:
"فهذا نص فيما ذكرنا. والله أعلم ".
والآن، وقد تبين بوضوح لا خفاء فيه أنها رواية شاذة غير صحيحة؛ فقد رجعت عن الاستدلال بها، والروايات الأخرى تغني عنها. والحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله.
هذا؛ ولحديث جابر شاهد من حديث بُريدةَ بسند صحيح مخرج في