عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصليهما. وهو مخرج في"صحيح أبي داود"(١١٦٠) . وروى عبد الرزاق (٢/٤٣٣/٣٧٧) بسند صحيح عن طاوس: أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر، فلما استخلف عمر تركهما، فلما توفي ركعهما، فقيل له: ما هذا؟ فقال: إن عمر كان يضرب الناس عليهما. قال ابن طاوس: كان أبي لا يدعهما.
قلت: فمن الخطأ الشائع في كتب الفقه: النهي عن هاتين الركعتين، بل وعدم ذكرهما في زمرة السنن الرواتب مع ثبوت مداومته - صلى الله عليه وسلم - عليهما كما كان يداوم على ركعتي الفجر، ولا دليل على نسخهما، ولا على أنهما من خصوصياته
- صلى الله عليه وسلم -، كيف وأعرف الناس بهما يحافظ عليهما-وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- ومن وافقها من الصحابة والسلف كما تقدم.
يضاف إلى ذلك أن النصوص الناهية بعمومها عن الصلاة بعد العصرهي مقيدة بالأحاديث الأخرى الصريحة بإباحة الصلاة قبل اصفرار الشمس، ومنها حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ:
"لا تصلوا بعد العصر؛ إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة ".
وهو حديث صحيح جاء من أكثر من طريق، وقد سبق تخريجه برقم (٢٠٠
و٣١٤) . وقد ذهب إلى شرعية هاتين الركعتين أبو محمد بن حزم في "المحلى" والرد على المخالفين في بحث واسع شيق في آخر الجزء الثالث وأول الرابع؛ فليراجعه من شاء.
وراجع الحديث الذي قبله؛ لتعرف سبب ضرب عمر لمن كان يصلي الركعتين. *