عوانة وأبي نعيم وغيرهم، فضلاً عن أصحاب "السنن"، وبخاصة منهم الترمذي الذي صححها إذا كان السند إليه صحيحاً، وأنا أقرِّب إلى القراء بأمثلة من رواية سماك عن جابر بن سمرة مرفوعاً: فقد روى له مسلم عنه نحو أربعين حديثاً ,والترمذي بعضها مع أحاديث أخرى له، صحح ثمانية منها، وحسن ستة (١) !
وقد لخَّص الحافظ ابن حجر أقوال الحفاظ فيه- كما هي عادته- بأوجز عبارة، فقال:
"صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة وقد تغير بآخره، فكان ربما تلقن ". فإذن؛ قد اتفق الحفاظ المحققون- قديماً وحديثاً- على الاحتجاج بحديثه إذا روى عن غير عكرمة، وعلى التفصيل المتقدم عن ابن شيبة، ولما كان شعبةُ مِن الرُّواة عنه في حديث الترجمة؛ كان الحديث صحيحاً لا إشكال فيه.
هذا إذا كان الرجل بنظرته المذكورة يغمز في صحة الحديث من أجل كونه من رواية سماك.
وأما إن كان بنظرته تلك يعني إعلال الحديث بأنه من رواية علقمة بن وائل عن أبيه، وقد جاء في "التهذيب ":
"وحكى العسكري عن ابن معين أنه قال: علقمة بن وائل عن أبيه: مرسل ". فالجواب من وجهين:
أحدهما: عدم التسليم بثبوت ذلك عن ابن معين؛ لجهالة الراوي بينه وبين العسكري- وهو أبو أحمد الحسن بن عبد الله الحمصي فيما أظن- مات سنة (٣٨٢) ، وابن معين توفي سنة (٢٣٣) ، فبينهما نحو قرن ونصف من الزمان.