شهداء على الناس) قال البخاري:
" هم الطائفة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فذكر الحديث.
وقد يستغرب بعض الناس تفسير هؤلاء الأئمة للطائفة الظاهرة والفرقة الناجية
بأنهم أهل الحديث، ولا غرابة في ذلك إذا تذكرنا ما يأتي.
أولا: أن أهل الحديث هم بحكم اختصاصهم في دراسة السنة وما يتعلق من معرفة
تراجم الرواة وعلل الحديث وطرقه أعلم الناس قاطبة بسنة نبيهم صلى الله عليه
وسلم وهديه وأخلاقه وغزواته وما يتصل به صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: أن الأمة قد انقسمت إلى فرق ومذاهب لم تكن في القرن الأول، ولكل
مذهب أصوله وفروعه، وأحاديثه التي يستدل بها ويعتمد عليها. وأن المتمذهب
بواحد منها يتعصب له ويتمسك بكل ما فيه، دون أن يلتفت إلى المذاهب الأخرى
وينظر لعله يجد فيها من الأحاديث ما لا يجده في مذهبه الذي قلده، فإن من
الثابت لدى أهل العلم أن في كل مذهب من السنة والأحاديث ما لا يوجد في المذهب
الآخر، فالمتمسك بالمذهب الواحد يضل ولابد عن قسم عظيم من السنة المحفوظة لدى
المذاهب الأخرى، وليس على هذا أهل الحديث فإنهم يأخذون بكل حديث صح إسناده،
في أي مذهب كان، ومن أي طائفة كان راويه ما دام أنه مسلم ثقة، حتى لو كان
شيعيا أو قدريا أو خارجيا فضلا عن أن يكون حنفيا أو مالكيا أو غير ذلك، وقد
صرح بهذا الإمام الشافعي رضي الله عنه حين خاطب الإمام أحمد بقوله:
" أنتم أعلم بالحديث مني، فإذا جاءكم الحديث صحيحا فأخبرني به حتى أذهب إليه
سواء كان حجازيا أم كوفيا أم مصريا " فأهل الحديث - حشرنا الله معهم - لا
يتعصبون لقول شخص معين مهما علا